أكد المجلس الثوري لحركة فتح دعمه لتشكيل لجنة تحقيق محايدة في الأحداث الأخيرة التي وقعت في قطاع غزة، يكون لها القول الفصل في إظهار الحقيقة.
وحمّل المجلس الثوري، في بيان أصدره مساء اليوم، قيادة حركة حماس النتائج التي ترتبت على اعتقال كوادر وأنصار حركة فتح والشخصيات الوطنية، وأدان اقتحام ونهب المؤسسات الرسمية والهيئات الأهلية ومقار المحافظات كافة، ومؤسسات إعلامية على رأسها 'وفا'، ومداهمة واحتلال مقر المجلس الثوري لحركة فتح في قطاع غزة.
وفيما يلي نص البيان:
تتابع جماهير شعبنا بقلق بالغ ما يجري من أحداث في قطاع غزة يثيرها متنفذون متطرفون من حركة حماس، وتتمثل في حملات الاعتقالات والمداهمات وعمليات القتل وإطلاق النار تجاه المواطنين والشخصيات الوطنية وكوادر حركة فتح والمؤسسات الرسمية والهيئات الأهلية ومقار المحافظات كافة ومؤسسات إعلامية في مقدمتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) وغيرها من وسائل الإعلام، وكذلك مداهمة واحتلال مقر المجلس الثوري لحركة فتح في قطاع غزة.
حالة عسف تنشر الخوف والرعب والقلق على كامل تراب القطاع، فتزيد من معاناته وتعمق حالة اليأس وتبدد كل الآمال التي كانت معقودة على مبادرة الأخ الرئيس أبو مازن والمبادرة العربية التي أقرتها قمة دمشق وأساسها المبادرة اليمنية في الحوار الوطني وصولا إلى استعادة الوحدة الوطنية، وإعادة قطاع غزة إلى حضن الشرعية.
تتابع جماهير شعبنا ويتابع معها الرأي العام العربي والعالمي ما يجري في غزة الجريحة الواقعة بين نارين واحتلالين، نار واحتلال وحصار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ونار واحتلال المتمردين من عصابات المتنفذين والمتطرفين في قيادة حماس الذين قاموا بالانقلاب على الشرعية، وارتكبوا الفظائع والمجازر بأدواتهم ومسلحيهم من القوة التنفيذية وألحقوا أفدح الأضرار بنظامنا السياسي، ووحدتنا الوطنية وحدة الوطن والشعب، وشوهوا صورة النضال الفلسطيني والإنسان الفلسطيني أمام المشاهد والمراقب لما يجري في فلسطين.
لقد نقلت حركة حماس ما يجري في غزة هذه الأيام من موقع خطر إلى موقع أشد خطورة حين وضعت أبناء الشعب الفلسطيني الذين خطفتهم بانقلابها، وضعتهم في هذه الآونة رهائن بيد مقنعيها ومليشياتها تستبيح دمائهم وتأخذهم بالشبهة وتذيقهم مر العذاب، وإن أمانة سر المجلس الثوري وهي تتلقى أولا بأول الأخبار الواردة من قطاع غزة المنكوب تعبر عن أعلى درجات القلق وتندد بأقسى العبارات بكل ما يرتكبه المتطرفون في قيادة حماس من جرائم واعتقالات ضد أبناء حركة فتح وضد أبناء الشعب الفلسطيني وفصائله وقواه السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والإعلامية وضد مؤسساته الرسمية والأهلية، وإذ تدين هذا السلوك المشين الخارج عن الصف الوطني والبعيد كل البعد عن أخلاق وسجايا الشعب الفلسطيني فإنها تؤكد على القضايا التالية:-
أولا: يعبر المجلس الثوري عن اعتزازه وفخره بصمود أبناء الشعب الفلسطيني أمام الحصار الظالم الذي تفرضه إسرائيل عليهم ويعبر عن اعتزازه وفخره بتمسك كوادر وقواعد حركة التحرير الوطني الفلسطيني 'فتح' وكوادر وقواعد القوى الوطنية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في قطاع غزة بالوحدة الوطنية ومحاولاتهم في التحضير وتنقية الأجواء لصالح الحوار الوطني، ويؤكد على دعمه لكل التوجهات الوطنية التي تحافظ على القيم والأهداف والسجايا الأخلاقية للشعب الفلسطيني والتي تتحلى بأعلى درجات المسؤولية حماية للمشروع الوطني
ثانيا: يحمل المجلس الثوري لحركة فتح قيادة حركة حماس النتائج التي ترتبت على اعتقال كوادرها ومنهم القائدان، أحمد نصر وعارف خطاب عضوا المجلس الثوري لحركة فتح ويحمل مسؤولية سلامتهما وسلامة كوادر الحركة في قطاع غزة للسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وللسيد محمود الزهار الذي تأتمر بأمره مليشيات حماس وأجهزتها الأمنية الخارجة عن القانون، ويحذر المجلس الثوري من المساس بكرامة وحياة هؤلاء الأبطال الذين يحملون على أكتافهم تاريخا ناصعا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والذين يحملون من السجايا والمثل والأخلاق ما تفاخر به الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة.
ثالثا: يؤكد المجلس الثوري على مواقفه الثابتة وقراراته، وخاصة التي اتخذها في دورته الأخيرة التي أكدت على أهمية الحوار لاستعادة الوحدة الوطنية والتي أكدت دعمها لمبادرة الأخ الرئيس محمود عباس المنبثقة عن المبادرة اليمنية التي أصبحت مبادرة عربية في قمة دمشق الأخيرة وتؤكد على هذه القرارات التي أصبحت سياسة أساسية من سياسات الحركة يلتزم بها كل كوادرها وقواعدها وقادتها، فحركة فتح تعتبر أن التناقض الأساسي هو مع الاحتلال الإسرائيلي، أما التناقضات الثانوية فلا تحل إلا بالحوار.
رابعا: ينظر المجلس الثوري بكل خطورة لما تروجه حماس من أكاذيب واتهامات لحركة فتح بشأن حوادث التفجيرات الأخيرة ولما تقوم به من اعتقالات ومداهمات تحت هذه الحجة، ويعتبر المجلس الثوري أن هذه الاتهامات باطلة وتخفي وراءها أهدافا سياسية لحركة حماس تغطي به انقساماتها وخلافاتها وصراعاتها الداخلية، ومن جهة أخرى لتغطية خطط المتنفذين والمتطرفين في قياداتها الذين يريدون إفشال الحوار الوطني حفاظا على مصالحهم ومكاسبهم الشخصية والذاتية وما حققوه من مراكز قوى داخل حماس في صراعهم وتنافسهم على الحياة الداخلية الحمساوية المنكمشة والمنغلقة.
خامسا: يدعم المجلس الثوري تشكيل لجنة تحقيق محايدة في الأحداث الأخيرة يكون لها القول الفصل في إظهار الحقيقة وهو ما أكد علية أيضا السيد الرئيس محمود عباس، وإن من شأن تشكيل هذه اللجنة المحايدة من شخصيات وطنية وممثلي لجان حقوق الإنسان أن يضع حدا للفتنة وأن يكشف الحقيقة ويعيد الأمور إلى وضعها الطبيعي وان يعيد الأجواء المتفائلة بالحوار الوطني وإعادة اللحمة بين أبناء شعبنا الفلسطيني.
سادسا: يناشد المجلس الثوري كل أولئك الذين يتصفون بالحكمة والعقلانية وبعد النظر في محيطنا القومي والإسلامي التدخل من أجل تنقية الأجواء في الساحة الفلسطينية ووقف التدخلات الإقليمية والخارجية التي تذكي الخلافات وتؤجج المواقف من أجل إنجاح مبادرة الرئيس أبو مازن المستندة إلى المبادرة العربية لحل الخلافات وإيجاد القواسم المشتركة وتعزيز الوحدة الوطنية سلاحنا الأمضى في كفاحنا الطويل لحماية المشروع الوطني وإحقاق الحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف.
وانطلاقا من ذلك كله فإن المجلس الثوري يدعو قيادة وكوادر الحركة إلى الصمود والثبات والتمسك بالقيم والمبادئ وعدم الانجرار إلى أية معارك داخلية، فلقد كان شعار الحركة على مدى سنوات النضال والكفاح (البنادق... كل البنادق نحو العدو) وكان شعار الحركة (التناقض الأساسي مع الاحتلال والتناقضات الثانوية تحل بالحوار)، فالحركة التي تستند إلى تجربة تاريخية كبيرة أطلقت فيها الرصاصة الأولى وقادت فيها الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير وحققت إنجازات تاريخية للشعب الفلسطيني، لا يمكن أن تكون إلا إلى جانب القيم والمثل والسجايا العظيمة لشعبنا الفلسطيني