اسرار صنع القنابل النووية مطروحة للبيع في الأسواق...

يقول محققون يتعقبون احدى اعتى العصابات في العالم لتهريب اسرار التقنيات النووية انهم يخشون ان مخططات ورسوماً تقنية تبين كيفية تصنيع يورانيوم من عيار الاسلحة لتجهيز رؤوس نووية يجري تداولها حالياً في السوق السوداء الدولية. ونشرت صحيفة 'ذي غارديان' البريطانية تقريراً اليوم السبت جاء فيه ان الخوف من بيع اسرار تقنية نووية يأتي بعد الكشف عن ان الحكومة السويسرية قامت سراً، تحت ضغط من الولايات المتحدة كما يزعم، باتلاف عشرات آلاف الوثائق الخاصة بتحقيق ضخم في تهريب المواد النووية. وكانت المعلومات قد صودرت من منزل واجهزة كومبيوتر اورس تينر، وهو مهندس سويسري في الثالثة والاربعين من العمر معتقل منذ اربع سنوات تقريباً.

بصفته مشبوهاً رئيساً في عصابة تهريب الاسرار النووية التي قالت الصحيفة ان من يديرها هو عالم المعادن الخبير النووي الباكستاني عبد القدير خان الذي اقر في 2004 بتسريب اسرار نووية ويخضع للاقامة المنزلية الجبرية في اسلام اباد.

وهربت شبكة خان مواد ومعدات واسراراً تقنية نووية الى ثلاثة بلدان على الاقل هي ايران وكوريا الشمالية وليبيا.

وقد اذهل الرئيس السويسري باسكال كوشبان مواطنيه الاسبوع الماضي باعلانه ان ملفات تينر، التي يعتقد انها تضم 30 الف وثيقة، قد تم فرمها. وبررت تلك الخطوة غير الاعتيادية التي اثارت مطالب باجراء تحقيق برلماني، بمنع وقوع الوثائق 'في ايدي منظمة ارهابية او دولة غير مأذون لها'، حسب قول كوشبان.

غير ان هناك مخاوف واسعة الانتشار من ذلك قد حدث فعلاً او ما زال من الممكن ان يحدث. وقال مارك فيزباتريك وهو خبير في الشبكات السرية المحظورة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الذي يوجد مقره في لندن: 'اننا نعلم ان نسخاً قد اعدت. وتقوم الاستخبارات الاميركية وكذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية (التابعة لامم المتحدة) بمتابعة هذه القضية باستعجال وبقدر كبير من الجدية، ولكن ماذا حدث للنسخ الاخرى التي اعدها (تينر)؟ ان من المثير للقلق ان ثمة مخططات اخرى طافية في مكان ما'.

وزعمت افادة في محاكمة شخص آخر مشتبه بانه عضو في شبكة خان في 2006 في المانيا ان تينر ابلغ المحققين بان كان لديه في مكتبه في سويسرا تصاميم لقنبلة نووية. وكانت التصاميم في شكل رقمي ويعتقد انها نسخت على اجهزة كومبيوتر للشبكة في دبي، مركز عمليات شبكة خان.

وقال ديفيد اولبرايت وهو مفتش اسلحة سابق مقره في واشنطن ان 'من المذهل ان هؤلاء الناس لديهم هذه المعلومات الكثيرة، معلومات حساسة الى درجة لا تصدق، عن صنع الاسلحة النووية واجهزة لطرد المركزي التي تعمل بالغاز. انني متأكد ان الولايات المتحدة حصلت على نسخة. ولكن من ايضاً حصل على الوثائق؟ هل تستطيع ان تصدق ان هذين الاثنين، الاخوين ( ماركو تينر محتجز ايضاً)، كانا الشخصين الوحيدين اللذين حصلا على الوثائق؟'.

وكان خان صرح لصحيفة 'ذي غارديان' في اول مقابلة له مع وسيلة اعلامية غربية منذ 2004 بان القضية السويسرية تثبت ان اي احد يسعى الى حيازة قنبلة نووية يمكنه بسهولة الحصول على ما يلزم في الغرب.

وبينما تقول الحكومة السويسرية ان ملفات وثائق التصاميم والمعلومات المتعلقة بطرق صنع اسلحة نووية قد اتلفت لمصلحة الامن القومي، فان من الممكن ان الاميركيين كان لهم صلة بالمسألة لأن من المعتقد ان تينر كان يعمل ايضاً لحساب وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي اي). وقال مسؤول دولي مطلع على التحقيق في شبكة خان: 'كان السويسري يقوم بالعمل القذر نيابة عن آخرين. ثمة زعم مفاده ان اورس كان يعمل لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية لقاء مبلغ مالي كبير جداً'.

وتولى اولي هينونين، نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رئاسة التحقيق في شبكة خان لسنوات. وفي السنة الماضية طلب مكتبه الوصول الى ملفات تينر وحصل على اذن بذلك واستدعي بعض العاملين معه ليشهدوا اتلاف الوثائق بفرمها.

وكان الاميركيون حاضرين ايضاً، وفقاً لمسؤول دولي قال انهم 'كانو مشاركين في اتلاف الوثائق، وكانوا يوجهون العملية'. وقال مسؤول سابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية: 'انني مندهش. ان من غير المعتاد رؤية اناس يتلفون وثائق بهذه الطريق. كان يجب وضعها في مكان آمن جداً. السؤال المهم هو كم نسخة من هذه الوثائق كانت موجودة. اذا كانت نسخ قد انتجت، فالى اين ذهبت؟ هذا هو السؤال المهم'.

ووصفت حكومة بيرن الوثائق التي اكتشفت بحوزة تينر بانها 'متفجرة' الى درجة انها اضطرت لاتلافها لكون سويسرا بلداً غير نووي موقع على معاهدة حظر الانتشار النووي.

وقال الرئيس كوشبان: 'كانت هناك مخططات تفصيلية لبناء اسلحة نووية، ومخططات لاجهزة طرد مركزي تعمل بالغاز لتخصيب اليورانيوم لصنع اسلحة نووية وكذلك لانظمة اطلاق الصواريخ الموجهة'.

ويقول مسؤولون وخبراء انه لو قدمت الادلة الى المحكمة، لكان من الممكن ان تظهر معلومات محرجة عن نشاطات الـ 'سي آي اي' مع شبكة خان. غير ان اتلاف الوثائق كأدلة من شأنه ان يعرض للخطر محاكمة ناجحة للمهندس تينر الذي يزعم ان شقيقه ماركو ووالده فريدريخ كانا على صلة منذ مدة طويلة بشبكة خان.

وقد كتب فيزباتريك الذي يعمل في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن في دراسة للمعهد عن سبكة خان العام الماضي ان 'العائلة السويسرة برئاسة فريدريك تينر كانت اساسية لشبكة خان لسنوات كثيرة'.