العاشق الحزين المشرف العـــام
عدد الرسائل : 2016 العمر : 33 الإقامة : فلسطين ـــــ غزة حركتك {فصيلك} : حركة مزاجي : هواياتي : المهنة : My sms :
دعاء الملتقى : تاريخ التسجيل : 14/04/2008
| موضوع: الابن الذي مات .. نصفه فتحاوي والنصف الآخر حمساوي السبت مايو 03, 2008 4:34 pm | |
| العريس فتحاوي بينما العروس الغالية إلى قلبه حمساوية ، كان سيتم زفافهما بعد الانقلاب بشهر واحد ، ولكن الذي حدث أن خطيبته ورفيقة دربه استسلمت للوهم الكبير عندما لم تمنعه من الذهاب للعمل يوم الانقلاب ظنا ً منها أن الأخوة في حماس لن يرفعوا أسلحتهم على أخوة لهم في النضال والكفاح ، لم يصدق الحدس رغم العواطف الجياشة وأن ما في العواطف ما قد يترك كارثة ، ومنها ما يتستفز الانهيار التام .
استشهد العريس بطلقة غادرة ، وترملت العروس الحمساوية ، شئ مبكي مضحك إلى درجة اللطم على خدود الجنون ، هي عذابات من الخرافة مثل التنجيم تماما ً لا يصدقها العقل وقد تحدث ، مثل السقوط من هاوية إلى بقايا إنسان تحطمه لعنات المستقبل وتبيد فيه آفاق الحاضر ، كان العريس يحتفل بهمومه يوم أن عاد محمولا ً على الأكتاف ، وكانت العروس الحمساوية في حلم عاصف لمولود فلسطيني اللون نصفه فتحاوي والنصف الآخر حمساوي ، انهارت ، مزقت أحلامها ، لعنة السياسة ومدافع الكلمات حين تصيب أروقة العقول بالتخدير السام ، وأقفلت الاذاعات بينما كانت ليلة الزفاف تعلن عن الحسم فوق الظروف ، والحسم فوق سلالم العناء ، وباتت المصيبة هي اللوحة الدامية التي تتدافع فيها رسومات الاحتقان والانقسام الشرعي للمجتمع الفلسطيني كله ، ولا أشبه منه سوى الإنسان حين يحز عنقه بيديه ، ويقطع رأس الأمل بأظافره بينما عاد الموت مسجى في ثلاجة هابطا ً من ثقوب الألم البغيض .
هناك من الحوادث الكثير التي تزوج فيها حمساوي فتحاوية والعكس صحيح ، ولكن ماذا فعل الانقلاب سوى زواج الهلاك لفصائل الروح وليس فصائل العمل الوطني كما يدعي البعض علينا أن نعترف الآن ، أن أول المصيبة نحن وآخر المصيبة نحن وأن تلك المصائب لو أخذنا منها بعض الاعتبار فهي إشعال للتذكر ، وزجر للخطأ ، ونذير مقدم ، وعندما تنسف الكبــِر لابد من العودة عنها والاعتراف للشعب الفلسطيني أن الانقلاب كان هو العار بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وهو لم يضر أكثر من الذين استعملوه ، ولم يحفل إلا بزحام الهموم والتراجع عن الأهداف ، ولنا أن نتصور كيف لبندقية أن تطلق الرصاص على العدو بدون أصابع ؟ فيصغر الهدف ويتقوض الطموح من القدس إلى أرشيف قديم عن الفساد أو فتح معبر لبعض البضائع وإن مشاهدة الوجوه وهي تتكرر لوطن ٍ ينزف من بكارة الموت المجاني ، دون هدف ولا رؤيا ، ولا حتى إصلاح سوى بعض الترهات والخزعبلات الساذجة التي تنطلق من هنا أو هناك لمسح بعض التكشيرة عن وجوه الأرامل والأطفال والأحلام ، كلها لم تزل تطلق الزغرودة في فضاء النكبة .
لعل النكتة التي نحن فيها أن الوطن صغير ، و الأفواه كثيرة ، والموت كبير ، وأبنية الأقارب والأهل والناس في الحارة وفي دكاكين البقالة والأسواق كلها من نمط واحد من جرح واحد ، من نفس المعاناة ونفس الملح ونفس التذوق لذات المصير ، فعندما تذهب لمنزل حمساوي تجد طعامه هو نفس الخبز ونفس التموين والبصل الأخضر ، و الماء الملوث ، البارد ، العزيز على القلب ، تجده عند الفتحاوي .
الفتحاوي والحمساوي أخوة من نفس الدين فكيف قام من هو ممتحن في الدين بالاعتداء مع سبق الإصرار والترصد ، إنها نكتة تحتاج منا إلى أن نقهقه بهستيريا حادة داخل السرايا الصفرا ونقول كيف يحيا الوطن ونحن نموت من داخلنا ألف مرة ؟ ونحن الجسد الذي قتل نفسه ليبحث عن الأمان ، إنها من سخرية القدر أو ربما لتصيب الخطأ أينما كان ومهما كان لا يمكن أن يقابل الخطأ بفساد عقلي وظلام روحي وانشقاق دموي ، ولو يعلم البعض أن العقل قد يجعل الجحيم جنة وقد يجعل الجنة جحيما ً لا سيما أن تعاسة السياسة قد تنسي البعض مهلة التفكير ، والعودة بعد القرار ، والعلة بعد السعادة ، فيصبح التصفيق على خدود الناس هو الخروج من المأزق ، ويصبح المشي فوق قبور الشعب هو أقرب الطرق للوصول إلى الهدف ، ولو يعلم البعض منهم أن التراجع عن الانقلاب هو التراجع عن موتهم قبل موت الآخرين ، وأن مسح الغبار عن الأرصفة هو تنظيف اللحى ، والاعتراف بالخطأ هو التكفير عن الذنب ، لأن الخطأ الأكبر هو الموت وأن أي تجاوزات أخرى من الممكن علاجها ومناقشتها وصياغتها وفقا ً للمصير المشترك لا وفقا ً للمصالح الدنيوية بينما يكون الصفح الجميل لمن عاش وضحى ، واستهلك كل مخزون الصمود الخرافي الذي أصبح أكثر مللاً من صفحة الوفيات اليومية لمواطن يقرأ خبر موته كل يوم ثم يضحك . | |
|