بعد أن شارفت مهنة "الإسكافي" في قطاع غزة على الانقراض، وأصبح عدد العاملين فيها يعد على الأصابع عادت المهنة ثانية للازدهار في ظل الحصار الخانق المفروض على غزة الذي تسبب في خلو الأسواق من الأحذية الجديدة المستوردة.
وشهدت الحياة في "زاوية الإسكافية" في سوق الموظفين وسط مدينة غزة حركة نشطة تمتد منذ الصباح حتى ساعات المساء، وتكاد يد الإسكافي أحمد المزين لا تتوقف عن العمل فيما يعلو ضجيج ماكينات خياطة الأحذية.
وترجع مهنة الإسكافي في قطاع غزة إلى مئات السنين، ويقول المزين: "قبل سنة تقريبا لم يكن يعمل بهذه المهنة في مدينة غزة أكثر من عشرة إلى خمسة عشر شخصا ولا يرتادها إلا الفقراء والمعدومون"، ويضيف أنها قاربت على الانقراض بعد رواج الأحذية الصينية رخيصة الثمن في القطاع منذ مجيء السلطة الفلسطينية وانفتاح الأسواق على قطاع غزة.
ويتابع بزهو: "الآن، ومنذ أن انقطعت البضائع عن قطاع غزة أصبح زبائننا من كل الأصناف حتى من أغنياء القطاع الذين لا يجدون بديلا عن أحذيتهم القديمة فيضطرون إلينا لإصلاحها".
حرفة تحتاج لمهارة
ويلفت الإسكافي المزين إلى أن المهنة التي ورثها عن والده "هي حرفة كأي حرفة تحتاج إلى تعليم وتدريب ومهارة وصبر وليس باستطاعة أي أحد أن يعمل بها".
وعن العائد المادي أوضح أن دخله تضاعف إلى أكثر من ثلاثة أضعاف مع الحصار المفروض على قطاع غزة فبعد أن كان لا يتعدى 60 شيكلاً (الدولار يساوي 3.5 شيكلات تقريبا) في الأيام العادية أصبح اليوم 300 شيكل، ومع زيادة الدخل زادت مدة العمل فأصبح يعمل منذ السابعة صباحا حتى الثانية بعد الظهر.
متطلبات ومعوقات
"وتعتبر مهارة العامل هي أهم شيء تتطلبه هذه المهنة".. يقول المزين، ويضيف: يأتي بعد ذلك مكان العمل وبعض القطع الجلدية والقوالب لتوسيع الأحذية والأصماغ وبعض المقصات، وماكينة الخياطة المستخدمة في صناعة الأحذية - التي يتراوح أسعارها ما بين ألف إلى 4000 دولار، حسب نوعها وحجمها.
ولا يوجد في غزة سوى 15 ماكينة، وبعض الإسكافية يعتمد على يديه فقط في إصلاح الأحذية؛ لأنه لا يمتلك ماكينة. وبرغم سعادة المزين بحالة الرواج التي شهدتها المهنة فإنه لا يخفي قلقه من نفاد المواد الخام التي يعمل بها، مثل المواد اللاصقة من الأصماغ والقطع الجلدية وقطع غيار الماكينات، وعدم القدرة على الحصول على الجديد منها بسبب الحصار، ليتحول سبب الرواج إلى أكبر المعوقات.
أحذية عبر الأنفاق
وأوضح محمد صبحي -صاحب أحد معارض الأحذية- "لإسلام أون لاين.نت" أن أغلب محلات الأحذية أصبحت فارغة إلا من بعض الأنواع القديمة، خاصة الصينية رديئة الجودة لافتا إلى أنها أصبحت تباع بثلاثة أضعاف ثمنها الحقيقي.
وذكر أنه منذ عشرة أشهر لم يدخل قطاع غزة أي حذاء بطريق مشروع سوى بعض الشاحنات التي جلبها التجار من مدينة العريش المصرية بعد انهيار الحدود بين قطاع غزة ومصر أواخر يناير الماضي وقد نفد معظمها من الأسواق.
ويلفت التاجر صبحي إلى أن بعض التجار لجأ إلى الأنفاق الواصلة بين مدينة رفح الفلسطينية والأراضي المصرية لتهريب الأحذية، موضحا أن كل شحنة أحذية يتم تهريبها تقدر أجرة تهريبها بأكثر من 10 آلاف دولار.
*محمد الصواف