في غزة .. يتناولون وجبة طعامهم من حاويات القمامة

بقلم / أكرم محمد قويدر



كنت في ضيافة صديقي في مكتبة يوما ما من أيام الأسبوع.. فإذ بالضيوف يتوافدون وما أكثرهم .. فالكل يشكي همة ودنياه ويستطرد بالحديث على مسامع من عرف ومن لايعرف ... أنا التزمت الصمت في هذه الحالة .. فحضر صديقنا الأخر من كنا ننتظر وطلب منا بدل ما نحن جالسين هكذا لنذهب مع بعض لشركة جوال على حد قولة فكان المخلص لي من مجلس الندب والشتيمة والشكوى ... ولأن صديقنا هذا عنده مشكلة مع شركة جوال تتلخص في قطع خدمة الاتصال عن جوالة لعدم دفع الحساب فقلت مازحًا معه... لعلك شجعتنا لكي ندفع ما علينا من فلوس للفاتورة وبذالك تقدم خدم غير محسوبة لشركة جوال...و ذهبت بصحبة صديقاي إلى شركة جوال لنسدد ما علينا من رسوم فواتير وغيرها... وقد كنافي مكتب احد الأصدقاء وذهبنا مشيا علي الإقدام أو' مثل ما بيحكو على بض احدعش ' مثل كل الناس الغني والفقير في هذا الحال سواء....



واضعين أيدينا على أنوفنا لكي لاستنشق عادم السيارات من الوقود الذي ابتدعوه هنا الناس وسائقي التاكسي 'السيرج ' زيت القلي لعدم وجود السولار في ظل أزمة خانقة ومتواصلة وجائرة يواجهها أهلنا هنا في غزة من إغلاق وحصار وتجويع... ولكن نقول كما قال أول العزم من الرسل حسبنا الله ونعم الوكيل هو خير حافظا وهو ارحم الراحمين ..



وقبل أن نصل إلى البوابة الرئيسية من الجهة الجنوبية إذ بأحد الإخوة يبقوا انظر هنا هناك... فوجدنا مشهد يستحق المشاهدة واخذ العبرة ..رجل يأكل من الحاوية أو الزبالة ولما نظرنا تباطأ في الأكل ومن هول مرائينا من منظر لم نستطيع التوجه إلية لتقديم يد العون له وظللنا نلوم بعضنا على عدم مساعدتنا له ولو بالشيء اليسير وظل هناك العراك في راسي على أشده.. أهو..هو.. لماذا وكيف.. أم أنة القدر خيرة وشره ...



لماذا هذا... وماذنبة ... أم هو مجنون لا يعي ما يفعل.... لكن ظل المشهد المحزن محفورًا في ذاكرتي .. وتفرقنا كل إلى بيته وذكرت لزوجتي مارات فقالت انا رئيت نفس المشهد في منطقة كذا وكذا.... وفي المساء اذهب لديوان العائلة لتبادل الحديث مع بعض شيوخنا وكبرائنا في العائلة واحتساء شيا من القهوة العربية .. فإذ بهم يتحدثوا عن حكايات وحكايا وليس مشهدا من قطع النظير... فلم أشاركهم لا لشيء إلا لصدمتي فيما شاهدت وما سمعت...



في يوم أخر كنت أمشي وما أكثرها من أيام مررت بشارع يدعونه بين الناس هنا في غزة هاشم بشارع الثورة.... وإذني أشاهد منظر تقشعر له الأبدان وتشيب منه الولدان.... إذ برجل لايتجاوز الأربعين وطفلين لايتجاوز احدهما ألاثني عشر سنة.. والثاني العاشرة.... يعبث هذا الرجل بحاوية النفايات (زبالة) فظننته يبحث عن نحاس اوقطع من بلاستيك لبيعها ولكن خاب ظني فإذ به يأكل ويطعم صغيريه من الحاوية ...



فاعتصرني الألم وظللت اسأل وأتساءل في كل ديوان وفي كل مكان ارتاده ماذنب الأطفال الرضع والنساء الجيع والشيوخ الركع أن يواجهوا هذا البلاء وفحش الغلاء لماذا شعبنا.. ولماذا شعبنا مطلوب منه أن يموت ولماذا شعبنا بالذات يتناول وجباتهم من حاويات القمامة وهم ينتمون لأمه العربية وأخرى إسلامية أكثر وأغني من في المعمورة؟

أنا أسال نفسي أولا واسأل من ألق السمع وهو شهيد....